فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

{والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه}
لما ذكر الله أحوال السعداء وما أعد لهم من الكرامات والخيرات ذكر بعده أحوال الأشقياء، وما لهم من العقوبات فقال تعالى: {والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} ونقض العهد ضد الوفاء به، وهذا من صفة الكفار لأنهم هم الذين نقضوا عهد الله يعني خالفوا أمره، ومعنى من بعد ميثاقه من بعد ما أوثقوه على أنفسهم بالاعتراف والقبول: {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} يعني ما بينهم وبين المؤمنين من الرحم والقرابة: {ويفسدون في الأرض} يعني بالكفر والمعاصي: {أولئك} يعني من هذه صفته: {لهم اللَّعنة} يعني الطرد عن رحمة الله يوم القيامة: {ولهم سوء الدار} يعني النار لأن منقلب الناس في العرف إلى دورهم، ومنازلهم، فالمؤمنون لهم عقبى الدار وهي الجنة، والكفار لهم سوء الدار وهي النار. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}
قال مقاتل نزلت: والذين ينقضون في أهل الكتاب.
وقال ابن عباس: نزلت الله يبسط في مشركي مكة، ولما ذكر تعالى حال السعداء وما ترتب لهم من الأمور السنية الشريفة، ذكر حال الأشقياء وما ترتب لهم من الأمور المخزية.
وتقدم تفسير الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل الآية في أوائل البقرة وترتب للسعداء هناك التصريح بعقبي الدار وهي الجنة، وإكرام الملائكة لهم بالسلام، وذلك غاية القرب والتأنيس.
وهنا ترتب للأشقياء الإبعاد من رحمة الله.
وسوء الدار أي: الدار السوء وهي النار، وسوء عاقبة الدار، وتكون دار الدنيا. اهـ.

.قال أبو السعود:

{والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله}
أريد بهم مَنْ يقابل الأولين ويعاندهم في الاتصاف بنقائض صفاتِهم: {مِن بَعْدِ ميثاقه} من بعدما أوثقوه من الاعتراف والقَبول: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ} من الأيمان بجميع الأنبياءِ المجمعين على الحق حيث يؤمنون ببعضهم ويكفرون ببعضهم، ومن حقوق الأرحام وموالاةِ المؤمنين وغيرِ ذلك مما لا يراعون حقوقَه من الأمور المعدودةِ فيما سلف، وإنما لم يتعرّض لنفي الخشيةِ والخوفِ عنهم صريحًا لِدلالة النقضِ والقطع على ذلك، وأما عدمُ التعرض لنفي الصبرِ المذكور فلأنه إنما اعتبر تحققُه في ضمن الحسناتِ المعدودةِ ليقَعْنَ معتدًّا بهن فلا وجه لنفيه عمّن بينه وبين الحسناتِ بعدُ المشرِقين، كما لا وجه لنفي الصلاةِ والزكاة ممن لا يحوم حول أصلِ الإيمان بالله تعالى فضلًا عن فروع الشرائعِ، وإن أريد بالإنفاق التطوعُ فنفيُه مندرجٌ تحت قطعِ ما أمر الله تعالى بوصله، وأما درءُ السيئة بالحسنة فانتفاؤه عنهم ظاهرٌ مما سبق ولحِق فإن مَنْ يجازي إحسانَه عز وجل بنقض العهد ومخالفةِ الأمر ويباشر الفسادَ بدءًا حسبما يحكيه قوله عز وعلا: {وَيُفْسِدُونَ في الأرض} أي بالظلم وتهييج الفتنِ كيف يتصور منه مجازاةُ الإساءة بالإحسان على أن ذلك يُشعر بأن له دخلًا في الإفضاء إلى العقوبة التي ينبئ عنها قوله تعالى: {أولئك} الخ، أي أولئك الموصوفون بما ذكر من القبائح: {لَهُمْ} بسبب ذلك: {اللعنة} أي الإبعادُ من رحمة الله تعالى: {وَلَهُمْ} مع ذلك: {سُوء الدار} أي سوءُ عاقبة الدنيا أو عذابُ جهنم فإنها دارُهم، لأن ترتيبَ الحكمِ على الموصول مُشعرٌ بعلّية الصلةِ له، ولا يخفى أنه لا دخلَ له في ذلك على أكثر التفاسير، فإن مجازاةَ السيئةِ بمثلها مأذونٌ فيها.
ودفعُ الكلام السييءِ بالحسن وكذا الإعطاءُ عند الظلم والوصلُ عند القطع ليس مما يورِثُ ترْكُه تِبعةً، وأما ما اعتبر اندراجُه تحت الصلةِ الثانيةِ من الإخلال ببعض الحقوقِ المندوبة فلا ضير في ذلك لأن اعتبارَه من حيث إنه من مستتبعات الإخلال بالعزائم بالكفر ببعض الأنبياءِ وعقوقِ الوالدين وتركِ سائر الحقوق الواجبةِ، وتكريرُ لهم للتأكيد والإيذانِ باختلافهما واستقلالِ كل منهما في الثبوت. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}
أريد بهم من يقابل الأولين ويعاندهم بالاتصاف بنقائص أوصافهم: {مِن بَعْدِ ميثاقه} الاعتراف به، قيل: المراد بالعهد قوله سبحانه: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} [الأعراف: 172] وبالميثاق ما هو اسم آلة أعني ما يوثق به الشيء وأريد به الاعتراف بقول: {بلى} وقد يسمى العهد من الطرفين ميثاقًا لتوثيقه بين المتعاهدين؛ وفسر الإمام عهد الله تعالى بما ألزمه عباده بواسطة الدلائل العقلية لأن ذلك أوكد كل عهد وكل أيمان إذ الأيمان إنما تفيد التوكيد بواسطة الدلائل الدالة على أنها توجب الوفاء بمقتضاها، ثم قال: والمراد من نقضها أن لا ينظر المرء فيها فلا يمكنه حينئذٍ العمل بموجبها أو بأن ينظر ويعلم صحتها ثم يعاند فلا يعمل بعلمه أو بأن ينظر في الشبه فلا يعتقد الحق، والمراد بقوله سبحانه: {مِن بَعْدِ ميثاقه} من بعد أن أوثق إليه تلك الأدلة وأحكامها لأنه لا شيء أقوى مما دل الله تعالى على وجوبه في أنه ينفع فعله ويضر تركه.
وأورد أنه إذا كان العهد لا يكون إلا بالميثاق فما فائدة: {مِن بَعْدِ ميثاقه}؟ وأجاب بأنه لا يمتنع أن يكون المراد مفارقة من تمكن من معرفته بالحلف لمن لم يتمكن أو لا يمتنع أن يكون المراد الأدلة المؤكدة لأنه يقال: قد تؤكد إليك بدلائل أخرى سواء كانت عقلية أو سمعية اهـ ولا يخفى أنه إذا أريد بالعهد ذلك القول وبالميثاق الاعتراف به لم يحتج إلى القيل والقال، وحمل بعضهم العهد هنا على سائر ما وصى الله تعالى به عباده كالعهد فيما سبق والميثاق على الإقرار والقبول.
والآية كما روي عن مقاتل نزلت في أهل الكتاب: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ} من الإيمان بجميع الأنبياء عليهم السلام المجتمعين على الحق حيث يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ومن حقوق الأرحام وموالاة المؤمنين وغير ذلك، وإنما لم يتعرض كما قال بعض المحققين لنفي الخشية والخوف عنهم صريحًا لدلالة النقض والقطع على ذلك.
وأما عدم التعرض لنفي الصبر المذكور فلأنه إنما اعتبر تحققه في ضمن الحسنات المعدودة ليقعن معتدًا بهن فلا وجه لنفيه عمن بينه وبين الحسنات بعد المشرقين لاسيما بعد تقييده بكونه ابتغاء وجهه تعالى، كما لا وجه لنفي الصلاة والإنفاق بناءً على أن المراد منه إعطاء الزكاة ممن لا يحوم حول الإيمان بالله تعالى فضلًا عن فروع الشرائع، وإن أريد بالإنفاق ما يشمل ذلك وغيره فنفيه مندرج تحت قطع ما أمر الله تعالى بوصله بل قد يقال باندراج نفي الصلاة أيضًا تحت ذلك، وأما درء السيئة بالحسنة فانتفاؤه عنهم ظاهر مما سبق ولحق فإن من يجازي إحسانه عز وجل بنقض عهده سبحانه ومخالفة الأمر ويباشر الفساد حسبما يحكيه قوله عز وجل: {وَيُفْسِدُونَ في الأرض} بالظلم لأنفسهم وغيرهم وتهييج الفتن بمخالفة دعوة الحق وإثارة الحرب على المسلمين كيف يتصور منه الدرء المذكور، على أنه قيل: إن ذلك يشعر بأن له دخلًا في الإفضاء إلى العقوبة التي ينبئ عنها قوله سبحانه: {أولئك} إلخ أي أولئك الموصوفون بتلك القبائح: {لَهُمْ} بسبب ذلك: {اللعنة} أي الإبعاد من رحمة الله تعالى: {وَلَهُمْ} مع ذلك: {سُوء الدار} أي سوء عاقبة الدار، والمراد بها الدنيا وسوء عاقبتها عذاب جهنم أو جهنم نفسها، ولم يقل: سوء عاقبة الدار تفاديًا أن يجعلها عاقبة حيث جعل العاقبة المطلقة هي الجنة، وجوز أن يراد بالدار جهنم وبسوئها عذابها، والأول أوجه لرعاية التقابل ولأن المبادر إلى الفهم من الدار الدنيا بقرينة السابق ولأنها الحاضر في أذهانهم ولما ذكر من النكتة السرية وذلك لأن ترتيب الحكم على الموصول يشعر بعلية الصلة له، ولا يخفى أنه لا دخل له في ذلك على أكثر التفاسير فإن مجازاة السيئة بمثلها مأذون فيها، ودفع الكلام السيء بالحسن وكذا الإعطاء عند المنع والعفو عند الظلم والوصل عند القطع ليس مما يورث تركه تبعة؛ وأما ما اعتبر اندراجه تحت الصلة الثانية من الإخلال ببعض الحقوق المندوبة فلا ضير في ذلك لأن اعتباره من حيث أنه من مستتبعات الإخلال بالعزائم كالكفر ببعض الأنبياء عليهم السلام وعقوق الوالدين وترك سائر الحقوق الواجبة، وقيد بالأكثر لأنه على الكثير مما ذكرناه في تفسيره المدخلية ظاهرة، وقيل: إنه سلك في وصف الكفرة وذمهم وذكر مالهم في مآلهم ما لم يسلك في وصف المؤمنين ومدحهم وشرح ما أعد لهم وما ينتهي إليه أمرهم فأتى في أحدهما بموصولات متعددة وصلات متنوعة إلى غير ذلك ولم يؤت بنحو ذلك في الآخر تنبيهًا على مزيد الاعتناء بشأن المؤمنين قولًا وفعلًا وعدم الاعتناء بشأن أضدادهم فإنهم أنجاس يتمضمض من ذكرهم هذا، مع الجزم بأن مقتضى الحال هو هذا، وقيل: إن المسلكين من آثار الرحمة الواسعة فتأمل، وتكرير: {لَهُمْ} للتأكيد والإيذان باختلافهما واستقلال كل منهما في الثبوت. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}
هذا شرح حال أضداد الذين يوفون بعهد الله، وهو ينظر إلى شرح مجمل قوله: {كمن هو أعمى} [سورة الرعد: 19].
والجملة معطوفة على جملة: {الذين يوفون} [الرعد: 20].
ونقض العهد: إبطاله وعدم الوفاء به.
وزيادة {من بعد ميثاقه} زيادة في تشنيع النقض، أي من بعد توثيق العهد وتأكيده.
وتقدم نظير هذه الآية قوله تعالى: {وما يضلّ به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض} [سورة البقرة: 26-27].
وجملة {أولئك لهم اللعنة} خبر عن: {والذين ينقضون} وهي مقابل جملة: {أولئك لهم عقبى الدار}.
والبعد عن الرحمة والخزيُ وإضافة سوء الدار كإضافة عقبى الدار.
والسوء ضد العقبى كما تقدم. اهـ.

.قال الشعراوي:

وإذا كان الحق سبحانه قد وصف أُولي الألباب بالأوصاف المذكورة من قبل؛ فهو يُبيِّن لنا أيضًا خيبة المقابلين لهم؛ فيقول سبحانه: {والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله...} ولقائل أنْ يسأل: وهل آمن هؤلاء وكان بينهم وبين الله عهد ونقضوه؟
ونقول: يصح أنهم قد آمنوا ثم كفروا، أو: أن الكلام هنا ينصرف إلى عهد الله الأزلي.
يقول سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بني ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى...} [الأعراف: 172]
وهنا يوضح سبحانه أن مَنْ ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وتأكيده بالآيات الكونية التي تدل على وجود الخالق الواحد: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ...} [الرعد: 25]
والمقابل لهم هم أُولو الألباب الذين كانوا يَصِلون ما أمر سبحانه أن يُوصل وهؤلاء الكفرة نقضة العهد: {وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض...} [الرعد: 25]
ولم يَأْتِ الحق سبحانه بالمقابل لكُلِّ عمل أدَّاه أولو الألباب؛ فلم يَقُل: ولا يخشون ربهم؛ لأنهم لا يؤمنون بإله؛ ولم يَقُلْ: لا يخافون سوء الحساب لأنهم لا يؤمنون بالبعث. وهكذا يتضح لنا أن كل شيء في القرآن جاء بِقَدرٍ، وفي تمام موقعه.
ونحن نعلم أن الإفساد في الأرض هو إخراجُ الصَّالح عن صلاحه، فأنت قد أقبلتَ على الكون، وهو مُعَدٌّ لاستقبالك بكل مُقوِّمات الحياة من مأكل ومَشْرب وتنفس؛ وغير ذلك من الرزق، واستبقاء النوع بأن أحلَّ لنا سبحانه أن نتزاوج ذكرًا وأنثى.
والفساد في الكون أن تأتي إلى صالح في ذاته فتفسده؛ ونقول دائمًا: إن كنت لا تعرف كيف تزيد الصالح صلاحًا؛ فاتركه على حاله؛ واسمع قول الحق سبحانه: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ...} [الإسراء: 36]
فلا تنظر في أيِّ أمر إلى الخير العاجل منه؛ بل انظر إلى ما يؤول إليه الأمر من بعد ذلك؛ أيضرُّ أم ينفع؟
لأن الضُّرَّ الآجل قد يتلصص ويتسلل ببطء وأنَاة؛ فلا تستطيع له دَفْعًا من بعد ذلك.
ويقول الحق سبحانه في آخر الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {... أولئك لَهُمُ اللعنة وَلَهُمْ سواء الدار} [الرعد: 25]
ونلحظ أن التعبير هنا جاء باللام مِمَّا يدل على أن اللعنة عشقتهم عِشْق المال للملوك: {... وَلَهُمْ سواء الدار} [الرعد: 25]
أي: عذابها، وهي النار والعياذ بالله. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)}
الهمزة في قوله: {أَفَمَن يَعْلَمُ} للإنكار على من يتوهم المماثلة بين من يعلم أنما أنزله الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة، وهو القرآن، وبين من هو أعمى لا يعلم ذلك، فإن الحال بينهما متباعد جدًّا كالتباعد الذي بين الماء والزبد، وبين الخبث والخالص من تلك الأجسام، ثم بين سبحانه أنه إنما يقف على تفاوت المنزلتين، وتباين الرتبتين أهل العقول الصحيحة، فقال: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب}.
ثم وصفهم بهذه الأوصاف المادحة، فقال: {الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله} أي: بما عقدوه من العهود فيما بينهم وبين ربهم، أو فيما بينهم وبين العباد: {وَلاَ يِنقُضُونَ الميثاق} الذي وثقوه على أنفسهم، وأكدوه بالإيمان ونحوها، وهذا تعميم بعد التخصيص، لأنه يدخل تحت الميثاق كل ما أوجبه العبد على نفسه كالنذور ونحوها، ويحتمل أن يكون الأمر بالعكس فيكون من التخصيص بعد التعميم على أن يراد بالعهد جميع عهود الله، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل في ذلك الالتزامات التي يلزم بها العبد نفسه، ويراد بالميثاق: ما أخذه الله على عباده حين أخرجهم من صلب آدم في عالم الذرّ المذكور في قوله سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءادَمَ} [الأعراف: 171].